للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: جواز القضاء، وإقامة الحدود ونحو ذلك في غير وقت الإمام، نظراً إلى ما يلحق المسلمين من المضرة بترك ذلك، وهذا قوي إن لم يصادم النصَّ الشرعي، وهو إجماع العترة في غير القضاء، وأما القضاء، فقد خالف فيه الإمام المؤيد بالله، والمختار جوازه. وأمَّا سائر الأمور، فإن لم يصح إجماع العترة على تحريمه، فلا معدِلَ عنه، وإن صح إجماعهم، أجبنا عن الفقهاء بما يوافقون عليه، وهو أن شرط المصالح ألا يصادم النصوص والإجماع من النصوص بلا خلاف، فنقول: الإجماع صادم النظر المصلحي، فوجب طرحه.

الأمر الثاني الذي خالفوا فيه: أخذ الولاية من الظلمة لما ورد في الآثار من الأمر بتسليم الزكاة إليهم (١) والطاعة في المعروف لهم، فأما الأمر بطاعتهم في غير معصية الله، فهو شهير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس فيه تصريح بولايتهم في نفس الأمر، وإن كان الاستنباط من ذلك محل نظر.

وأما الأمر بدفع الزكاة إليهم، فرُوِيَ عن سعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وأبي سعيدٍ الخدري، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي بكرٍ، وعائشة موقوفة وأسانيدها، أو أكثرها صالحةٌ (٢)، ولكن لا حجة متفق عليها في الموقوف، خصوصاً إذا عُورِض بقول صحابيٍّ آخر. وأما حديثٌ مرفوعٌ، فلا أعرف إلاَّ ما رواه الطبراني في " الأوسط " من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ادفُعوا إليهم ما صَلَّوُا الخمس ". رواه عن الطبراني ابن حجر في " تلخيصه " (٣)، ولم يذكره بصحةٍ ولا ضعفٍ، والغالب على "معجم الطبراني


(١) " إليهم " ساقطة من (ف).
(٢) انظر " مصنف ابن أبي شيبة " ٣/ ١٥٦ - ١٥٨، و" سنن البيهقي " ٤/ ١١٥، و" تلخيص الحبير " ٢/ ١٦٤.
(٣) تلخيص الحبير " ٢/ ١٦٤، والحديث عند الطبراني في " الأوسط " (٣٤٥) وقال: لا يروى هذا الحديث عن سعد مرفوعاً إلاَّ بهذا الإسناد، تفرد به هانىء بن المتوكل. وذكره الهيثمي في " المجمع " ٣/ ٨٠، وقال: رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه هانىء بن المتوكل، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>