للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذريني خَلْفَ قاصِيَةٍ ... تَضَايَقُ بي وتَنْفَرِجُ

ولا تَرْمِنَّ بي غرضاً ... تطاير دونه المُهَجُ

ومن أئمة الحديث والفقه أبو حنيفة، ومالكٌ، وأحمد بن حنبل، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم.

وقد تقدم ذكر ما لأحمد بن حنبل في ذلك من المبالغة الكبيرة في ترجمته في الوهم الخامس عشر، وإنما استوفيت ذلك في حقه، لما وقع في حقه من الجهل الفاحش المزري بصاحبه. نسأل الله السلامة.

وفي العلماء والصالحين عددٌ كثيرٌ قد انتهجوا منارهم، واقتفوا آثارهم.

وأما من خالط الملوك، أو كاتبهم، أو قَبِلَ عطاياهم، فهم السواد الأعظم من المتقدمين والمتأخِّرين والصحابة والتابعين.

وأنا أذكر منهم عيوناً حسب ما حضرني، وأقدِّمُ قبل ذلك مقدمتين:

إحداهما: أنِّي، وإن سردتهم في الذكر، فهم متفاوتون عندي في المراتب، حسبما أسلفت من تقسيم المخالطة إلى تلك الأقسام، فمنها المخالطة المستحبَّةُ، ومنها المباحة، ومنها المكروهة، لكن هذه الأنواع كلها تدخل تحت جنس الإباحة لما تقدم من الدليل على ذلك.

المقدمة الثانية: أن القصد بذكر أن يُعْذَرَ المفضول النازلة درجته بسبب ذكر ما فعل الأفضل، وإن كانا مختلفين، فالأفضل فعل ذلك على وجه يُستحبُّ بنيةٍ صحيحةٍ يحصل معها (١) الثواب على فعله، والمفضول يفعل (٢) ذلك على وجه يُكره أو يُباح، لكن لو كان ذلك الفعل في رتبة التحريم مثل شرب الخمر، وقتل النفس لم يصدر من الفاضل البتة، ولتحاماه جميع الفضلاء كما تحاموا فعل المحرمات، وكما تحاماه القاسم عليه السلام، ولم يترخص في شيءٍ منه.


(١) في (ف): " بها ".
(٢) في (ف): " فعل ".

<<  <  ج: ص:  >  >>