للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كثُرَت مطالعته للسير والأخبار، عرف من هذا كثيراً، ولهذا قال المنصور عليه السلام -لما كان من أعرف الناس بالسير والأخبار- روى عليه السلام أنه لم يبق طالبيٌّ إلاَّ وفد على المأمون إلاَّ القاسم عليه السلام.

وأما الطبقة الثالثة: وهي طبقة الفقهاء، فمن المشهور في مثل هذا: مخالطة الإمام الشافعي رضي الله عنه، والقاضي أبي يوسف (١)، ومحمد بن الحسن الشيباني المجمع على نقل مذاهبهم، والاعتداد بهم، فإنهم كانوا يخالطون هارون، وقد كان القاضي أبو يوسف يسافر معه، ويركب معه في المحمِلِ فيما روى أهل التاريخ، وكانت للشعبي التابعي الجليل مخالطةٌ كثيرةٌ، وله في ذلك قصةٌ غريبةٌ مذكورةٌ في ترجمته، على أنه كان من أهل التشيع لأهل البيت عليهم السلام، وقد كان قاضي القضاة وطبقة من علماء الطوائف يخالطون الصاحب الكافي، ويثنون عليه، ويحاضرونه، وكان له مجلسٌ معهم في كل يوم، فأخبارهم في ذلك مشهورة في كتب التواريخ، وقد كان العلامة ابن أبي الحديد وزيراً لابن العلقمي، ومن أجله صنف شرح " نهح البلاغة " كما ذكره في خطبته (٢) وله في ابن العلقمي الثناء العظيم والمدح الكبير، مع الاختلاف في المذهب، فابن أبي الحديد معتزلي وابن العلقمي إماميٌّ.

وقد كان القاضي شرف الدين حسن بن محمد النحوي والفقيه حاتم بن منصور معاصرين للأمراء من الأشراف في صنعاء، وكانت طرائقهما مختلفة في مخالطتهم وتحسين العبارة في محاورتهم، وكان القاضي (٣) شرف الدين يزورهم، ويبتدئهم بالسلام والإكرام، ويفعلون له مثل ذلك مع ورعه وعلمه، ولم يقتض ذلك قدحاً في حي القاضي شرف الدين، لكونه كان ألين عريكةً


(١) هو الإمام المجتهد المحدث قاضي القضاة يعقوب بن إبراهيم الأنصاري.
(٢) " شرح نهج البلاغة " ١/ ٣ - ٤.
(٣) في (ف): " الفقيه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>