للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حي الفقيه حاتم وغيرهما. ممن (١) لم أحب ذكره لخوف التطويل.

ويلحق بهذا تنبيهٌ، وذلك إنما عَظُمَ إستقباحنا لمخالطة الظلمة، لأنا لم نحوج إلى مخالطتهم، لإقامتنا في بلاد أئمة العدل من أهل البيت عليهم السلام، واعتيادنا لرفقهم بنا، وعدم مؤاخذتهم لنا، وعفوهم إن أخطأنا، وصبرهم إن جهلنا، ومسامحتهم في حقِّهم وبذلهم لحقنا، فنحن كالمعافى الذي لا يألم قط، لا يعرف قدر العافية، ولا يدري ما مع الأليم من الضرورة، ولو أنَّا ابتلينا بالدول الجائرة المتعدية، لعرفنا أعذار من خالط أولئك الظلمة، وعرفنا ما ألجأهم إلى ذلك حق المعرفة، فنسأل الله تعالى دوام النعمة علينا، فإنا في عافية مما الناس فيه، ببركات (٢) أهل البيت عليهم السلام، فنحن لعدلهم آمَنُ من الحمام في البيتِ الحرام، بل قد نسينا نعمة الأمانِ بعدلهم، واشتغلنا بطلب رِفدهم وفضلهم، فلله الحمد والمنة، وله الشكر على هذه النعمة.

واعلم أن مقاصد العلماء تختلف في هذا الباب، فقد يستحسن العالم من ذلك (٣) ما يستقبحه غيره، وذلك معلومٌ من أحوال العلماء والفضلاء، وقد كان الأمير علي بن الحسين صاحب " اللُّمع " يواصل بعض أعوان أولاد المنصور عليه السلام في زمن الداعي، فاعترضه بذلك الإمام الداعي، والأمير إنما فعل ذلك لمصلحةٍ رآها، وإن كان الداعي لا يراها، وعلَّة التحريم المودة التي نَقَمَها الله على حاطب بن أبي بلتعة، فإذا لم يكن ثمَّ مودة، فالمسألة اجتهادية، والأعمال بالنيات، والمجمع عليه من تحريم المودة أن يكون لأجل المعصية، بخلاف ما إذا كانت لخصلة خيرٍ كما سيأتي.

والفائدة الثالثة في الدليل على أن المخالطة ليست موالاةً، والدليل على ذلك أن الموالاة هي الموادة والمحبة، لا المخالطة.


(١) في (ف): " مما ".
(٢) في (ف): " ببركة ".
(٣) " من ذلك " ساقطة من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>