للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجال الصحيح، وغير خافٍ على أهل التمييز أنه لا بد من معرفة الجارح بالعدالة.

الوجه الثاني: أن محمد بن إشكاب لم يدرك الزهري، فبين وفاته ووفاة الزهري مئة سنة واثنتان وأربعون سنة (١)، ذكره في " درة التاريخ "، وقد ذكرنا ما يدل على عدالة الزهري من كلام أئمة التابعين المشاهير الذين صحِبُوه وخَبَرُوه، وهذا رجل لم يدركه، ولم يعرفه رمى بكلمةٍ لا ندري عمن تلقَّفَها وهل تجوَّز فيها.

وفي كتاب " الميزان " (٢) للذهبي نحو هذا في ترجمة خارجة بن مصعب من طريق أحمد بن عبدويه المروزي، عن خارجة بن مصعب، ثم ذكر الذهبي عن كثيرٍ من الأئمة تضعيف خارجة، بل قال البخاري: تركه ابن المبارك ووكيعٌ (٣)، والترك في عبارتهم بمعنى التُّهمة بتعمُّد الكذب، ووكيعٌ شيعي لا يتهمه الشيعة، وعن ابن معين أنه كذاب وهذا أشد الجرح، مع أن في الرواية هذه بعينها عن خارجة أنه ترك الزهري لما رآه صاحب شرط بني أمية في يده حربةٌ. قال: ثم ندم، فقدم على يونس صاحب الزهري، فسمع منه عن الزهري.

وهذا يدل على صدق المحدِّثين في عدم الثقة بخارجة إن صحَّت الرواية،

ولم يُوثِّقهُ أحدٌ، وإنما قال ابن عدي: لا بأس به (٤)، وهي عبارة تليين، والجرح


= بمجهول، بل هو حافظ إمام ثقة من رجال البخاري وأبي داود والنسائي، وإشكاب لقب أبيه، فهو أبو جعفر محمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر بن زعلان البغدادي المتوفى سنة (٢٦١ هـ) مترجم في " التهذيب " و" السير " ١٢/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(١) قلت: توفي الزهري سنة (١٢٤ هـ)، ومحمد بن إشكاب سنة (٢٦١ هـ) فيكون بين وفاتيهما (١٣٧) سنة.
(٢) ١/ ٦٢٥.
(٣) " ووكيع " ساقطة من (ف).
(٤) بل قال ابن عدي: " وهو ممن يكتب حديثه " انظر " الكامل " ٣/ ٩٢٧، و" الميزان ".

<<  <  ج: ص:  >  >>