للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد: إذا حرِدَت وأساءتِ الخلق، اجتهدنا في إزالة غضبها، وإزالة (١) ما يسوء من خلقها استعار التقصيع أولاً، ثم ضم إليه التَّنفُّق، ثما الحبل التوأم.

وأنشد العلامة رحمه الله في غير هذا الموضع من " كشافه " (٢):

ينازعُني ردائي عبدُ (٣) عمروٍ ... رُويْدَكَ يا أخا عمروِ بن بَكْرِ

لِيَ الشَّطْرُ الذي مَلَكَتْ يميني ... ودُونَك فاعتَجِرْ منه بشطرِ

قال رحمه الله: أراد بردائه: سيفه، ثم قال: فاعتجر منه بشطرٍ، فنظر إلى المستعار في لفط الاعتجار. انتهى كلامه.

ومن ذلك قوله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِم} [الصف: ٨] فذِكْرُ الأفواه هنا من هذا القبيل.


(١) في " الكشاف ": " وإماطة ".
(٢) ٢/ ٤٣٢. والبيتان غير منسوبين في " الإيضاح " ص ١٧٢.
والأول منهما في " اللسان " ١٤/ ٣١٧.
قال شارح أبيات الكشاف: استعار المنازعة لتسببه في امتداد السيف إليه حتى توسط بينهما كالشيىء يتجاذبه اثنان، واستعار الرداء للسيف بجامع حفظ كل لصاحبه، وعدم الاستغناء عنه، والاعتجار ترشيح، ومعناه التَّلَفُّح والتعمم، فهو ملائم للرداء، ويحتمل أن التركيب كله من باب التمثيل. وعبد عمرو: فاعل، ورويدك: اسم فعل بمعنى: أمهل، والكاف حرف خطاب، قاله الجوهري، وبالنظر لأصله، فهو مصدر، والكاف مضاف إليه، وفيه التفاتٌ، وبكر: أبو قبيلة، والشطر الذي ملكته يمينه: هو مقبض السيف، ودونك: اسم فعل بمعنى: خذ، أي: خذه فتلفع منه بالشطر الآخر، وهو مصدره والأمر للإباحة، وفيه نوع تهكم.
(٣) تحرفت في (ش) إلى: " عند ".

<<  <  ج: ص:  >  >>