للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم (١): " نعوذ بالله منك "، فقال الخطابي: يحتمل أن تكون الاستعاذة من المنافقين خاصةً، وأنكر القاضي عياض هذا.

قال النووي: وما قاله القاضي عياض هو الصواب، والحديث مصرِّحٌ به، أو ظاهر فيه، وإنما استعاذوا منه لما قدَّمناه من كونهم رأوا سِمَات المخلوق.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فيتبعُونه "، فمعناه: فيتبعون أمره إياهم بذهابهم إلى الجنة. انتهى.

وفيه ما يُوافق ما ذكرته ولله الحمد، إلاَّ أن قوله: " يتجلَّى على صفة " يحتاج إلى تأويلٍ كتأويل قوله تعالى: {فلما تَجَلَّى رَبُّهُ للجبل} [الأعراف: ١٤٣]، فأقول: يحتمل على أساليب المتأولين أن المراد بـ (تَجَلَّى) ما يدلُّ على عِظَم (٢) قُدرته، وإحاطة علمه من عجائب أفعاله المُعجزة التي نعلم بها أنه المتكلم المخاطب.

ومن هذا القبيل -ولم يذكره السيد- حديثُ نزول الرب جل جلاله كل ليلةٍ إلى سماء الدنيا (٣)، أوَّلوه بنزول ملكٍ، وليس في الحديث الذي رواه السيد أكثر من هذا الذي ذكرته إلاَّ ثلاثة أشياء: أحدها: ذكر أنهم سجدوا له (٤)، والجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أنه يجوز أن يكون قَصَدُوا بالسجود: التَّعبُّدَ لله تعالى عند رؤيتهم


(١) في (ش): " قوله ".
(٢) في (ف): " عظيم ".
(٣) والحديث بتمامه: " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: " من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ ".
أخرجه من حديث أبي هريرة مالك ١/ ٢١٤، وأحمد ٢/ ٢٨٧ والبخاري (١١٤٥) و (٦٣٢١) و (٧٤٩٤)، ومسلم (٧٥٨)، وأبو داود (١٣١٥)، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (٤٨٠)، وابن حبان (٩٢٠)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٤) " له " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>