للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ذلك ليس يتناقض، وإلا فقد كنتُ أتوهم أن أحداً من المميِّزين لا يحوج إلى ذكر ذلك.

فأقول: الدليلُ على أن الخصوص لا يُناقِضُ العموم وجهان:

أحدهما: معارضة وهي (١) أن وجود العُموم والخصوص في كتاب الله تعالي معلومٌ بالإجماع، بل بالضرورة، وهو مصُونٌ عن التناقض، والخصم معارضٌ بعمومات الوعد بالمغفرة على بعض الأعمال كما سيأتي.

وجوابنا في الوعيد مثل جوابه في الوعد سواءٌ (٢) ألا ترى إلى قوله تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ} [النساء: ١٢٤]، و [طه: ١١٢]، [والأنبياء: ٩٤]، في ثلاث آيات والقول في الصدقة وحدها: {إن تُقْرِضُوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم} [التغابن: ١٧]، وبقوله: {ومن يُوقَ شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر: ٩]، و [التغابن: ١٦]، وأمثال ذلك كثيرٌ كما سيأتي.

وثانيهما: على طريق التحقيق، وذلك أن العموم في اللغة العربية قد يطلق ويُرادُ به بعض ما يتناوله، وقد كثُرَ في لغة العريب كثرة عظيمة، حتَّى قال بعض العلماء: إن العموم مشترك، وإنه يُطْلَقُ على البعض حقيقةً من غير تجوُّزٍ، وإلى ذلك ذهب السيد المرتضى وغيره.

وقد خرَّج أهلُ الصحيح حديث هلال بن أمية الذي قذف امرأته بشريك بن سحماء فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " البينة أو حدٌّ في ظهرك " غير مرةٍ، وهو يقول: والذي بعثك بالحق نبياً، إني لصادقٌ، وليُنْزِلَنَّ الله في أمري ما يُبَرِّىءُ ظهري، فنزلت آيةُ اللِّعان. رواه البخاري والترمذي من حديث ابن عباس (٣)، ورواه


(١) في (ش): "معارض وهو".
(٢) " سواء " ساقطة من (ش).
(٣) تقدم تخريجه ٣/ ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>