للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها شفاعةٌ ولا يُؤْخَذُ منها عَدْلٌ} [البقره: ٤٨].

قال الزمخشري (١): أي: لا يُؤخَذُ منها فِديةٌ، لأنها معادلة للمَفْدِي، ومنه الحديث: " لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ " (٢) أي: توبة ولا فدية. انتهى كلام الزمخشري.

والمقصود من إيراد (٣) الحجة على أن الفدية في لغة العرب تقوم مقام المَفْدِيِّ، والكتاب والسنة عربيان، وأهل الفِطَرِ السليمة على هذا قبلَ نبوغِ البراهمة والمبتدعة، وقد خصَّ الله المنافقين والكفار بعدم قبول الفدية، فقال في سورة الحديد في خطاب المنافقين: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِير} [الحديد: ١٥]، وفي تخصيصهم (٤) بنفي قَبُول الفدية منهم إشارةٌ إلى قَبُولِها من المسلمين من قبيل مفهوم الصفة، والمسلمون أيضاً باقون على الأصل في حسن ذلك، إذا لم يُنْفَ ذلك عنهم، وذكر ابن عبد السلام في " قواعده " (٥) في الرد على البراهمة أن العقول تستحسِنُ انتفاع الحيوان النفيس بالحيوان الخسيس ويشهد لما ذكره أن أهل الفِطَرِ السليمة حكموا بأن أنصف بيت قالته العرب قول حسان:


(١) ١/ ٢٧٩.
(٢) قطعة من حديث علي، ولفظه: " المدينة حرامٌ ما بين عَيْرٍ إلى ثورٍ فمن أحدث حدثاً فيها، أو آوى مُحْدِثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ، ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومن والى قوماً بغير إذن مواليه، فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين ". أخرجه البخاري (١٨٧٠) و (٣١٧٢) و (٣١٧٩) و (٦٧٥٥) و (٧٣٠٠)، ومسلم (١٣٧٠)، وانظر تمام تخريجه في " صحيح ابن حبان " (٣٧١٦) و (٣٧١٧).
وأخرجه مسلم (١٣٦٦) من حديث أنس، و (١٣٧١) من حديث أبي هريرة.
(٣) في (د) و (ف): " إيراده ".
(٤) في (ف): " وتخصيصهم ".
(٥) ١/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>