مشتركاً، وذلك باطلٌ، لأن الغرض أنه حقيقة في الاستغراق.
وثانيهما: أن الخصوص لا يُفْهَمُ إلاَّ بقرينةٍ كسائر المجاز، قال المخالف مطلقاً: -وهم الحنابلة- المتأول باقٍ، وكان حقيقةً، قلنا: كان حقيقةً مع غيره، قالوا: يسبق إلى الفهم كغيره، قلنا: بقرينة وهو دليل المجاز.
الأمر الثاني: اختلافهم في كونه حجةً بعد التخصيص، والسرُّ في ذلك أن أدلَّتَهم فيه معروفة في كتب الأصول، وهي من قَبيل الأمارات الظنية والذوق، وليس فيها دِلالةٌ قاطعةٌ، وذلك جَلِيٌّ لمن يعرف شروط القطع، وهو في النقليات، التواتر الضروري في النقل، والتجلي الضروري في المعنى، وهذه المسألة نقلية عن أهل اللغة العربية وعرفها، وليس للعقل فيها مجالٌ، فانظر الآن الأقوال ومآخذها، فقد اشتد اختلاف المعتزلة وغيرهم في العموم المخصوص كما هو مُبَيَّنٌ في كتب أصول الفقه.
فقال شيخ الاعتزال أبو القاسم البَلْخي: إن العموم المخصوص ليس بحجة، إلاَّ أن يكون خُصَّ بمتصل كالاستتناء ونحوه، لأنا قد علمنا أن ظاهره غير مراد.
وقال الشيخ أبو عبد الله البصري: إن كان العموم مُنبئاً عن المخرج منه المخصوص، فهو حجةٌ كقوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة: ٥] مع تحريم قتل أهل الذمة منهم وإن لم يكن منبئاً عنه لم يكن حجة بعد التخصيص كالسارق والسارقة، فإنه لا يُنبىءُ عن النصاب والحِرز.
وقال قاضي القضاة: إن كان غير مفتقرٍ إلى بيانٍ كالمشركين، فهو حجة بعد التخصيص، وإلا فهو غير حجة، مثل:{أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}[الأنعام: ٧٢] مع تحريمها على الحائض. ومن العلماء من قال: يكون حجة في أقل الجمع.
وقال أبو ثور: ليس بحجةٍ، والصحيح أنه حجة ظنية إلاَّ أن ينضم إليه ما