للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصيرُ معناه قطعياً، ولم (١) يُؤَثم أحدٌ من هؤلاء المختلفين، ثم إنهم بعد ذلك غَفَلُوا عن قواعدهم في أصول الفقه، وزعموا أن دلالة الآية بعد تخصيصها باقيةٌ على إفادة القطع بأن الإسلام لا يجوز أن يكون له تأثير في تخصيص القاتل المسلم من أهل الخلود إذا تقدم إسلامه على القتل، وإن استقام عليه وخُتم له به (٢)، ومات على الاستقامة على ذلك مع إجماعهم على أن هذا الإسلام الذي لا أثر له عندهم قطعاً لو تأخَّرَ بعد القتل لَهَدَم القتل بمجرده، وإن كان قد قتل ألف نبيٍّ مرسل، وإن كان معه جميعٌ أنواع الشرك والجحود والإلحاد وأنواع الطغيان والفساد، فيا عجباً لهم كيف استنكروا من أهل السنة أن يجعَلُوا له تأثيراً في عدم الخلود، ولا (٣) في عدم العقاب والانتصاف للمقتول، وهو يهدم الكفر وما صَحِبَه من الموبقات، بحيث إن القاتل المستحق للعذاب الدائم عند المعتزلة لو ضمَّ الشرك إلى ذنب القتل، ثم أسلم آخر عُمرِه لنفَعَه الموت على الإسلام، أفما ضَرَّه إلاَّ سبقُه إلى الإسلام، وعدم جمعه بين الشرك والقتل، وأنه استقام على الإسلام حتى مات ولم يُشرك بربِّه طرفة عين؟ فكذلك عند المعتزلة لو كَفَرَ بعد القتل ثم أسلم نفعه إسلامه بخلاف ما لو استقام على إسلامه، فلو أن رجلين قتلا رجلاً، ثم استقام أحدهما على الإسلام والقيام بجميع فرائضه ونوافله غير أنه لم يجمع شرائط التوبة النصوح مع الاستغفار، وعفا المقتول عنه أو أرضاه (٤) بالاستيفاء والتعرُّض لجميع المكفِّرات من العِتْقِ والحج والجهاد والصدقات العظيمة والصدقات الدائمة من عمارة المناهل والمساجد والمدارس وسائر أنواع المصالح التي جاءت الآيات والأخبار بتكفيرها للذنوب واستجلابها لرحمة خير الراحمين. وأحدهما ارتدَّ عن الإسلام وسعى في الفساد في الأرض، وقتل الصالحين وحَرَبَ (٥) المُحقين، لكنه خُتِمَ له ببعض ما استقام عليه، وهو مجرد النطق بالشهادتين عند النَّزْعِ، لَوَجَبَ القطع بأنه أسعد من


(١) في (ش): " ولو لم ".
(٢) في (ش): " بذلك ".
(٣) في (ش): " لا ".
(٤) في (ش): " وأرضاه ".
(٥) في (ش): " وأحرب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>