للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قانون، بل كُلُّ أحدٍ مكلفٌ بما يقوى في ظنه، ولكل ناظرٍ نظرُهُ.

وأما إن كان المبتدعُ مبتدعاً بغيرِ الإِرجاء مما ليس بكفر، فلا يخلو إما (١) أن يستويا في جميع وجوهِ الترجيح إلا فسقَ التأويل، أو (٢) يختلفا، إن اختلفا في وجوه الترجيح، فالقولُ في ذلك لا يستمر على طريقةٍ واحدةٍ، فقد يكون المتنزِّه عن فسق التأويل أولى بالقبول لِقوة الظَّنِّ بصدقه، وهذا هو الأكثرُ، وقد يكونُ فاسقُ التأويل أولى بالقبولِ لقوة الظن، وقد يكونُ قولُه أقوى في الظن في بعضِ الأحوال لبعض الأسباب الموجبة لذلك، فقد نصَّ المنصورُ بالله عليه السلام على أن قولَ مَنْ يرى أن الكذبَ كُفْرٌ أولى بالقبول ممن لا يرى ذلك، وروى ذلك صاحبُ " الجوهرة " وحكاه الحاكمُ في " شرح العيون " عن بعض أهلِ العلم. ونصُّ المنصور بالله عليه السلامُ في الخبرين إذا تعارضا على أنَّ العملَ على الظن الأقوى هو الواجبُ بهذا اللفظ، وذلك لأن المَرْجِعَ بالترجيح إلى قُوَّةِ الظن لا إلى تفضيل الراوي، فليس المبتدع يُساوي المتنزه من البدعة، ولا كرامة له، وقد نَصُّوا على الإجماع على الترجيح بالضبط، وشِدَّةِ الحفظ، روى الإجماعَ على ذلك أبو طالب عليه السلامُ، وقد قدمنا كلامَه، والمنصورُ بالله عليه السلام، فإنه ذكر الترجيحَ بكون الراوي أكثرَ حفظاً وضبطاً حتى قال عليه السلام: وهذا مما وَقَعَ الإجماعُ عليه برواية شيخنا رحمه الله، وكذلك أبو الحسين نَصَّ على الترجيح بكون أحدِ الراويين أضبطَ، ثم قال: وقد يُسْتَدَلُّ على كونه أضبطَ بكونه أكثرَ اشتغالاً بالحديث، وأشدَّ انقطاعاً إليه، وبِقِلَّهِ ما يقع في حديثهِ مِن الخلل في


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): و.

<<  <  ج: ص:  >  >>