وليس في قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} متمسك لمن شرط الخوف في القصر، لأن الآية وردت في قصر الصفة في صلاة الخوف، لا في قصر العدد، لما علم من تقدم شرعية قصر العدد، وكما يدل عليه آخر الآية. ولو سلم أنها في قصر العدد في صلاة السفر، فالقيد في قوله: {إِنْ خِفْتُمْ} اتفاقي لا احترازي، فعن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: إنما قال الله سبحانه وتعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقد أمن الناس؟ قال عمر: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ". أخرجه الشافعي في " مسنده " ١/ ٣١١، وأحمد (١٧٤) و (٢٤٤) و (٢٤٥)، ومسلم (٦٨٦)، والطبري (١٠٣١٠) و (١٠٣١٢)، والبيهقي ٣/ ١٣٤ و١٤٠. قال ابن القيم في " زاد المعاد " ١/ ٤٦٦ بتحقيقنا: والآية أشكلت على عمر وغيره، فسأل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجابه بالشفاء، وأن هذا صدقة من الله، وشرع شرعه للأمة، وكان هذا بيان أن حكم المفهوم غير مراد، وأن الجناح مرتفع في قصر الصلاة عن الآمن والخائف، وغايته أنَّه نوع تخصيص للمفهوم أو رفع له. وقد يقال: إن الآية اقتضت قصراً يتناول قصر الأركان بالتخفيف، وقصر العدد بنُقصان ركعتين، وقُيِّدَ ذلك بأمرين: الضرب في الأرض، والخوف، فإذا وُجِدَ الأمران، أُبيحَ القصران، فيصلون صلاة الخوف مقصورة عددُها وأركانها، وإن انتفي الأمران، فكانوا آمنين مقيمين، انتفي القصران، فيصلون صلاة تامة كاملة، وإن وُجِد أحدُ السببين، ترتب عليه قصره وحده، فإذا وُجِدَ الخوف والإقامة، قُصرت =