قلت: وقوله: " كان عليه السلام يتوضأ لكل صلاة قبل فتح مكة " محمول على غالب أحيانه، فربما صلى أكثر من صلاة بوضوء واحد، فقد أخرج البخاري (٢١٥) من حديث سويد بن النعمان قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر، حتى إذا كنا بالصهباء، صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر، فلمَّا صلى دعا بالأطعمة، فلم يؤت إلا بالسويق، فأكلنا وشربنا، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المغرب، فمضمض، ثم صلى لنا المغرب ولم يتوضأ. وجمهور أهل العلم على استحباب الوضوء لكل صلاة لما روى أحمد ٢/ ٢٥٩ من طريق أبي عبيدة الحداد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، أو مع كل وضوء سواك، ولأخرت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل" وإسناده حسن. وأخرج البخاري (٢١٤) وغيره عن عمرو بن عامر، عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ عند كل صلاة، قلت (القائل عمرو بن عامر): كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزىء أحدنا الوضوء ما لم يحدث. ولفظ النسائي: عن عمرو أنَّه سأل أنساً: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم. ولابن ماجة: وكنا نحن نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد. وروى أحمد ٥/ ٢٢٥، وأبو داوود (٤٨) بسند حسن عن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أُمِرَ بالوضوء لكُلِّ صلاة طاهراً كان أو غير طاهر، فلمَّا شقَّ ذلك عليه، أمر بالسواك عند كل صلاة، ووضع عنه الوضوء إلا من حدث. (١) ساقطة من (ب).