وعظم حاله وحال مجلسه، وكان جعل على نفسه، أن لا يشبع من طعام، ولا نوم، حتى يقطع الله دولة بني عبيد.
وكان مع ذلك ملتزماً في حانوته، يبيع القطن. وفيه يأتيه من يطلب منه، ويسأله. قال أخوه أحمد: جاء قوم فسألوا ربيعاً عن مسائل. فرأيت أخانا سعيداً قد اغتم. فسألته عن غمه. فقال من أجل هذا، يأتي إليه قوم يقعدون عنده، فيسألونه عن علم رفيع. فيجيبهم بكلام عال. فإذا قاموا عنه، رجع الى حلقة القطن يبيض فيها، ويطلب الحبة، والخروبة. فذكرت ذلك لربيع فقال عادكم برُّ أريحُ لم تصرخوا؟ وقال بعضهم: كنت يوماً في مجلس، وهو محتفل. فوقع بقلبي شيء فأقلقني ولم أقدر على الصبر، الى خفة الناس. فقمت، فأعدت الكلام فنهرني وقال: اجلس. فغضبت. فقلت له: لا يحل لك كتم العلم. فلم آته أياماً. ثم قلت لنفسي: إنما وقع الضرر بك حيث قطعت حظك منه، مما يفوتك من الخير. فسرت إليه فوجدت بابه مردوداً بلا حديدة. وكانت علامة جلوسه. فدخلت دون إذن، فوجدته جالساً على رجليه. فأخذَتْه حالٌ وهو يبكي ويقول: