قال محمد بن عبد الملك بن أيمن: كان يحيى بن قاسم، أحد العباد المجتهدين، يصوم حتى يخضر، وهو صاحب الشجرة، وذلك أنه كانت في داره شجرة تسجد بسجوده.
قال ابن أبي دليم: كان يفضل على أخيه بشدة انقباض وزهد وعبادة، وكان أعلم من أخيه وأفقه في كل فن.
أخذ عنهما.
قال ابن حارث: وكان ابن لبابة يجمل الثناء عليه، ويفضله على أخيه إبراهيم، وكان قد جمع البلاغة في كل فن، إلى المنظر الجميل والسمت الحسن.
قال: وكان يغدو إلى المسجد لصلاة الصبح، فيصلى فيه، ثم يقعد في مصلاه إلى الضحى، فيصليها، وينصرف إلى داره، فيقيل إلى الظهر، فيصليها، ويصلى العصر، ويجلس في المسجد إلى المغرب، فيصليها، ويصلى إلى العتمة، وكان حسن الصلاة، مرتلا في قراءته حرفا حرفا.
وتزوج بامرأة، فدخلت عليه في السحر وقت خروجه إلى المسجد، فسلم عليها ودعا لها، ثم خرج، فلزم ترتيبه ولم يدعه.
وصلى رجل إلى جانبه، فركع يحيى ركعتين طول فيهما، فلما فرغ قال له الرجل: لقد قرأت ما دمت في ركعتيك هاتين كذا وكذا.
فقال له: يا أخى! قال الله تعالى: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا)(٤٠٧) ولم يقل (أكثر عملا).
وتوفى سنة اثنين وسبعين ومائتين، وقيل ثمان وسبعين، وقيل سبعين، وسيأتي ذكر ابنه أحمد.
(٤٠٧) الآية ٧ من سورة هود، والآية ٢ من سورة الملك.