فبلغ أبو ميسرة من العبادة مبلغاً عظيماً. وكان كثير التهجّد، والتلاوة، وقيام الليل، وصيام النهار، متواضعاً. تأكل خادمه معه، على مائدته. وكان إذا أكل، جعل مائدته في السقيف، حذاء الباب. فإذا أتى سائل، فتح الباب وأعطاه، لئلا يقيم الخادم، وهم يأكلون دونها. ولما ولي حماس، منع الناس من النداء في الأسواق، إلا من ثبتت عدالته، إلا أبا ميسرة، لثقته. وكان أبو ميسرة، مهاجراً لحماس، بسبب مسألة الإيمان، لا يسلم عليه، ولا يرد عليه السلام. وكان يقول: تركت السلام عليك لمن هو خير مني. حمديس: أمرني بذلك. وإلا، فرِجل حماس، في الأرض، خير من كذا وكذا من أبي ميسرة. وجرى بينه بسببها وبين أبي الفضل الممسي، مهاجرة عظيمة، ذكرناها في خبره. وكان أبو محمد يتعصب للممسي، ويثني عليه، ويقول: ما كان أبو ميسرة، ممن يتخذ إماماً، في دين الله. واحتج القابسي بمسألة من هذا الباب. فقال له أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى: لو سمعك أبو ميسرة؟ فقال أبو الحسن: إنما حكيت قول غيري. وتوفي سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة.