القاضى أبي عمر، يطلبه بمائة دينار، فألزم القاضي المدعى عليه اليمين اذا لم تكن للآخر بينة، فأخذ الخصم الدواة فكتب:
وانى لذو حلف فاجر … اذا ما اضطررت وفى الحال ضيق
وهل من جناح على معسر … يدافع بالله ما لا يطيق
فأمر القاضى باحضار مائة دينار، فدفعها عنه.
فعجب الراضى من أدب الرجل، وكرم القاضي، وأمرني بالركوب إلى القاضى، والبحث عن الرجل، فبحثت عنه أياما حتى وجدته، فجئت به اليه، فأمر له بألف دينار، وخمس خلع، ومركوب حسن، وملازمة دار السلطان، ثم قلده الأهواز.
وقال بعضهم: كنت بحضرة أبي عمر القاضي، في جماعة من شهوده وجلسائه الذين يأنس بهم، فأحضر ثوبا يمانيا، قيل في ثمنه خمسون دينارا، فاستحسنه كل من حضر المجلس، فقال: يا غلام! هات الفلانسي.
فجاء، فقال له: اقطع جميعه فلانس، واحمل إلى كل واحد من أصحابنا قلنسوة.
ثم التفت اليهم فقال: انكم استحسنتموه بأجمعكم، ولو استحسنه واحد وهبته له، فلما اشتركتم فى استحسانه، لم أجد طريقا إلى أن يجعل لكل واحد منكم شيء منه، الا بأن أجعله قلانس، فيأخذ كل واحد منكم واحدة منها.
وساير القاضى أبو عمر يوما، محمد بن داود الأصبهاني، ببغداد، فاذا بجارية تغنى من شعر محمد بن داود:
أشكو عليل فؤاد أنت متلفه … شكوى عليل إلى الف يعلله
* سقمي تزيد مع الايام كثرته … وأنت مع عظم ما ألقى تقلله