جلس قاضي القضاة المعروف بابن أم شيبان، الهاشمي، أقعده عن يمينه، والخلق كلهم، من القضاة والشهود، والفقهاء وغيرهم، دونه. وذكر أبو القاسم الوهراني أبا بكر الأبهري، في جزء أملاه من أخباره. قال: كان رجلاً صالحاً خيراً، ورعاً، عاقلاً، نبيهاً فقيهاً عالماً. ما كان ببغداد أجلّ منه. لقد كنا نخرج معه من الجامع فيتلقانا محمد القاضي: ابن معروف الحنفي، وهو راكب مع الشهود، وكان ربما حكم في جامع المنصور. فإذا رأى الشيخ الأبهري، ترجل له وسلم عليه. فإن تمكن من يده قبّلها، وإلا قبّل منكبه ورأسه، ويفعل الشهود أجمع، ذلك. ويمشي القاضي راجلاً، وهم معه رجالاً. حتى يصلوا الى باب السكة التي كان يسكنها. فيقسم عليه الشيخ فينصرف القاضي والشهود من هنالك. قال: ولم يعطَ أحد من العلم والرئاسة فيه، ما أعطي الأبهري في عصره، من الموافقين والمخالفين. لقد رأيت أصحاب الشافعي، وأبي حنيفة، إذا اختلفوا في أقوال أئمتهم، يسألونه، فيرجعون الى قوله. وكان يحفظ أقوال الفقهاء حفظاً مشبعاً. وكان أبو إسحاق الطبري - من أصحابنا وحفاظ الحديث - يجالسه، ويسأله عن أحاديث كثيرة. فيقول له من قطع حديث كذا؟ ومن وقف حديث كذا؟ ومن وصله؟ فيجيبه. وكان الموافقون والمخالفون يقولون بفضله. قال: وسمعته يقول: كتبت بخطي المبسوط