للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في السوق للصلاة عليها، خلفه. فرفع الأمر الى سلطان الشيعة: معد. وقيل له: إنه مطاع. فأمر بالبرد فخرجوا فيه. فسمع وزراؤه بذلك فأتوه، حفاة مشاة يقولون: إنا نخشى الهلاك. ما ظنّك برجل مجاب الدعوة، منقطع عن الدنيا. فرد البرد، وأرسل شيخاً من كتامة، في زي ناسك، ليختبر له أحواله، واختفى الشيخ الكتامي خلف حصير في المسجد، حتى جاء أبو إسحاق فأذّن للمغرب، وأقا، وصلى. فخرج الكتامي، من وراء الحصير، فقال له: يا منافق على مولانا، لا تؤذن حي على خير العمل؟ ولا تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ولا تسلم على ناحيتين. ما لمولانا عدو مثلك؟ فدعا عليه. ثم قال: اللهم اجعله آية للعالمين. فطارت عيناه، جميعاً. فأخرج من المسجد يقاد وهو يقول: الموت، الموت مع هذا الشيخ لا تقربوه. وانصرف الى معد. فارتاع وقال لوزرائه: كيف ترون لو بدر منا فيه بادر. وكان - لما صلى على هذه الجنازة - بقربه رجل، فقال: يا أبا إسحاق، الوقت لا يحتمل. فقال له إنّا لم نبلغ درجة الصديقين، حتى نقتل على الحق. فقال له: يا أبا إسحاق، عندي دعاء الخليل، حين ألقي في النار، ودعاء يونس حين التقمه الحوت. فقال له الشيخ: يا مسكين، إن كنت تدعو دعاء الأنبياء، وتفعل فعل الفراعنة، فمن تخادع؟ وصلى مرة على جنازة امرأة، فجيء بجنازة كتامي، كبير. ومعه خلق منهم. فقالوا: الصلاة على هذا الشهيد. فلم يرد عليهم. فلما فرغ من دفن المرأة، انصرف وتركهم وقوفاً بتابوتهم. فافترق أصحابه، ومن معه من حوله. خوفاً أن يضعوا فيهم أيديهم. فلما ذهبوا بجنازتهم، أدركنا الشيخ، وقلنا له: الوقت، كما علمت، وهؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>