ألا يلي القضاء ولا شيئاً من الأحكام أبداً، وهو الذي أسند إليه الحكم تأليف كتاب الاستيعاب الذي قدمنا ذكره، مع أبي بكر المعيطي. قال ابن حيان، وكان في أول حاله لم يأخذ نفسه بتثقيف علم اللسان فراغت في فتاويه غرائب من لحنه، بقاها عليه أصحابه ثم فطن لنفسه، فأشاع ذكر مرض حبس نفسه فيه شهراً عاكفاً على كتاب سيبويه، فخرج مكتفياً من علم النحو لقوة حفظه وتقرب فهمه، فصلحت حالاته. وكان مما أعانه على سعة المطالعة، أنه تخير هو وقوم من الفقهاء صدر خلافة هشام أيام ابن أبي عامر لامتحان خزانة العلم، وتفتيش ما يعرض فيها من آلاته وردها الى مواضعها مرتبة الى أشكالها، معهم من الفتيان طائفة يتولون ذلك بين أيديهم، فاستجاب أبو عمر لما كلف من ذلك، على بعده من الالتباس بعمل السلطان، لما رجا في ذلك من المطالعة للغرائب، التي جلبها الحكم، واقتدر منها على ما لم يقدر عليه سواه،