وكان أرزق الناس وأسكنهم طائراً، وأقنعهم مجلساً، قبل أن يهاج. وكان سريع الغضب، تبدر منه عند ذلك بوادر، لا يضبط كلامه عند ذلك. وكان ذا منزلة عظيمة في النّسك، والفقه، والتقشف، والمشاورة في الأحكام. ورحل الى المشرق، فحجّ، وجاور واتسع في الرواية. وسكن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم. وشوّر بها، فكان يفخر بذلك على أصحابه. وكان كثير الانتزاع بكتاب الله تعالى. حاضر الجواب في ذلك. وحكي أنه قال: لما حججت وانصرفنا، وصلت برقة. فرأيت قائلاً يقول لي في النوم: يا محمد ارجع فحجّ، فإنك لم تحجّ. ففكرت في العلة. فوجدت المال الذي أنفقته، فيه شيء، فتفرغت من بقيته، ورجعت أخدم في سقي الماء وغيره، حتى حججت مرة ثانية. فلما بلغت برقة رأيت ذلك القائل بعينه يقول لي: قد قبل حجّك.