للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلب على دابة تبكي [١]؟ فقلت: والله ما بكيت إلا لوجهين: أحدهما انقطاعي عن زيارتك، إذ لا أقدر على المشي [٢]؛ والآخر عياذي [٣] بها على بنات [٤] لي، فدعا لي دعاء كثيرا - ونحن نؤمن على دعائه ونبكي - وذلك نصف النهار، فانصرفت، فلما كان بعد ذلك بليلتين أو ثلاث قرع علي الباب، وقيل لي: أخرج خذ دابتك، فخرجت فإذا بدابتي مع ثلاثة رجال، فسألوني أن أجعلهم في حل، وقالوا: إنا ما قصدنا دارك، ولكن غلطنا؛ فقلت لهم: لا بد أن تخبروني بقصتكم، فقالوا: ذهبنا بدابتك، فنحن في الشعراء نصف النهار، فإذا بصوت [٥] يقول إلي أين تذهبون يا فسقة بدابة الجبنياني، فنظرنا فلم نر شيئا، ثم مشينا، فسمعنا الصوت ثانية، فألقي في قلوبنا الرعب، فرجعنا حتى أتينا الليلة دار الجبنياني، فقرعنا عليه الباب فخرج [٦]، فقلنا له: خذ حمارتك واستغفر لنا، فقد فعلنا فيك مالا يحل، فقال: أنتم يا مساكين ابتليتم بهذه الدابة؟ قلنا نعم، وأخبرناه بخبرنا [٧]، فقال: أنتم على طهارة؟ قلنا: لا، فأخرج إلينا [٨] قلة وقدحا وحبلا، فاستقينا من بئر واغتسلنا، ثم أتينا فصلينا وراءه ركعتين، وسأل الله لنا في التوبة، ثم قال: وصلوا الدابة إلى صاحبها، فجئناك بها.

وكان أبو إسحاق: قلما تغير على أحد فيفلح، قال لإنسان لاحه في شيء أنكره عليه، ما أرى هذه اللحية تفلح، فلم يلبث أن تشرق. وأنكر على آخر الجهر في صلاة نافلة النهار، وقال له: يا هذا، إن مالكا استحب فيها الأسرار، سيما في المسجد لما يخلط على الناس، فقال الرجل: قد جهر في مسجد رسول الله - صلى


[١] بيديه: أ ط. بيده: م.
[٢] إذ لا أقدر على المشي: أ ط - م.
[٣] والآخر عيادي: أ. والآخر جهادي: م. والثاني عيادتي: ط.
[٤] بنات: أ. بنيات: ط م.
[٥] الصوت: أ ط. بالصوت: م.
[٦] تخرج: أ ط - م.
[٧] يخبرنا: أ ط - م.
[٨] إلينا: أ ط. لنا: م.