وقنعوا منه بقول ذلك بحضرة السلطان، والجماعة. وأن يقوله في مجلسه، ويشيعه عن نفسه. فافترقوا على ذلك. وجعلت على الشيخ من ذلك غضاضة. فخرج في فصبيحة يومه متوجهاً الى منستير، للرباط مستكناً لقضيته. ومسبباً لها. فتغيب شخصه. قال القاضي عياض: لا امتراءَ عند منصف أن الحق ما قاله أبو إسحاق. ولا امراء أن مخالفته أولاً لرأي أصحابه في حسم الباب، لمصلحة العامة واللجاج خطأ. وأن رأي الجماعة، كان أسدّ للحال. وأولى بعائدة الخير، وفتواه جري على العلم وطريق الحكم. ومع هذا فما نقصه هذا عند أهل التحقيق. ولا غضّ من منصبه عند أهل التوفيق. وقد حكى أبو عبد الله بن سعدون، قال: رأيت أبا القاسم اللبيدي بعد موته، فسألته: من على الحق؟ أنت أو أبو إسحاق؟ فسكت. وأمسكت بعضده، فكان يقول بصوت خفي: التونسي. ومات أبو إسحاق بعد هذا بسنين، فرأيته أول فتنة القيروان، وكان ابتداء فتنتها سنة اثنتين وثلاثين بالقيروان. ورثاه أبو علي ابن رشيق بقصيدة فريدة أولها: