ثم تمم الله على المؤمنين بفضله، وختم أنبياؤه ورسله، بأرجحهم ميزاناً، وأرفعهم مكاناً، وأكرمهم أخلاقاً، وأطيبهم أعراقاً، وأطولهم في الفضائل باعاً، وأكثرهم أمة وأتباعاً، أبي القاسم، سيد ولد آدم، صلى الله عليه وسلم، كما شرف وكرم، فجاهد في الله حق جهاده، وزايل الجلايل الصعبة في إرشاد عباده، حتى أقاموا على سواء محجته، وأخذهم طوعاً وكرهاً ببالغ حجته، وسافهم في السلاسل إلى جنته، ودخلوا في دين الله أفواجاً بدعوته، فأنجز الله به وعده، وعبد تعالى وحده، وخصه بخير أمة أخرجت للناس، وآزروه في إقامة شرعة في حياته، وخلفوه في حياطته وحمايته بعد وفاته، نص في غير موطن على تفضيلهم، وأمر بالاقتداء بهم، وتوعد على اتباع غير سبيلهم، بوأهم دار وحيه، ومأوى دينه، ومتبوى شرعه، ومهبط ملائكته، ومهاجر نبيه، ومنزل كتابه، ومختم مثوى رسله، ومجثم الخير كله، كهف الإيمان والحكمة، ومعدن الشريعة والسنة، وسراج الهدى الذي بنوره ضاء أقطار المشارق والمغارب، وينبوع العلم الذي استمدت منه سائر الأدوية والمذائب