للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإقامة الدرس، حتى فتح الله عليه؛ وكان أول طلبه مكرًا في معيشته، يتجر في سوق البزازين، لا يفارق في أثناء ذلك المطالعة في جلوسه وحركته؛ فلما شهر في الناس حذقه، واحتاجوا إلى فتواه؛ قلده الحكم الشورى برأي القاضي ابن السليم - سنة خمس وستين وثلاثمائة، فانهال عليه الناس، وشغل بهم؛ فانقطع تجره. وضعفت حاله؛ فأنهى القاضي ابن السليم أمره للحكم، فأخرج له ألف دينار؛ فلما رآها هالته، قال: كنت أرى القيامة قد قامت، وأني أساق إلى العرض؛ فكنت أسير وأجد في نفسي قوة، فإن أمري على دين الإسلام؛ فكنت أوقف بين يدي العرض، فأحاسب يسيرا؛ ثم يقال لي: اقعد، فأنت آمن: ثم يؤتي بصكوك كثيرة، فيقال لي: خذ كتابك، فأقبض يدي؛ ثم الثانية، فلا آخذه؛ ثم الثالثة، فكنت استيقظت [١] وبوادري ترجف من الفزع؛ فلم يهنأ بها عيش، فانقطع بعد هذه الرؤيا، ولم تبق في نفسه [٢] بقية إلى أن مات.

ذكر أن صديقا له قصده في عيد - زائرًا له، فأصابه داخل داره - وبابه [٣] مفتوح، فجلس ينتظره، وأبطأ عليه،


[١] فكنت ثم استيقظت: ط ن، فكنت استيقظت - بإسقاط (ثم): أ.
[٢] في نفسه: أ ط، من نفسه: ن.
[٣] وبابه: أ ط، ودربه: ن.