للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما كان أبو عمر يتشوق إليه؛ فرغب أبو عمر إلى أصحابها أن يعفوه من مباشرة ما اشتغلوا به من التقليب، ويتركوه والمطالعة؛ فاستوسع في ذلك، وطالت مدة عملهم في ذلك، لكثرة هذه الكتب، ووفور خزائنها - حولا كاملا وفوقه؛ فحصل للشيخ من ذلك ما أمله؛ وكان عظيم التذكر، حسن التحفظ، بطيء النسيان؛ وكان يتكلم عنده يوم الاثنين في الموطأ وما شاكله، ويوم الثلاثاء في المدونة، والمستخرجة، وما جانسهما [١]؛ فكان النبلاء من أصحابه، كابن الشقاق، وابن دحون، وأمثالهم من الأكياس والحفاظ، يتظاهرون عليه لينشروا حفظه: فإذا جرت المسألة، وأمعن القول فيها أهل المجلس، ونقضوا وجوه الجواب، وانتهى [٢] القول فيها إلى أبي عمر وترجيحه؛ بدر كل من أولئك الحفاظ، إلى ما يقرب به من قولة شاذة، فينصت أبو عمر إلى كل ما يقوله كل منهم، حتى يستوفي كلامهم، ثم يرد على كل واحد فيما أغرب به، ويفصل له امكنته وينبه إلى قائله، ويذكر الإختيار من ذلك من قول الأصحاب، كأنما ينظر في صحيفة؛ ثم يحدد إثر ذلك هو اختياره، فيريهم العجب من كل فعله! [٣]


[١] جانسهما: أ ط، جانسها: ن.
[٢] وانتهى: أ ط، وانهى: ن.
[٣] فعله: أ ط، فعلة: ن.