للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثيابهم؛ فكتبت سلامتهم، وخرجوا إلى وهران؛ وقامت لنكبتهم بقرطبة القيامة، وعظم على الخاصة والعامة ما جرى عليهم؛ ففزع [١] جماعة من الأعيان لاستهوال الحادث عليهم لفرط محبتهم، وجلالهم في القلوب، وأسرعت الإقالة لهم عما قريب؛ فلما قتل الجند واضحًا، حسن الرأي فيهم، وعادوا إلى وطنهم بالأندلس؛ إلا أنهم لم يعاودوا بعد العمل، ولا تقلدوا ولاية، مع تكرار الرغبة إليهما من جميع من خلف الفتنة؛ بل كانت جل الولايات من رأيهما، إلى أن مات أبو العباس سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.

ثم تلاه أبو حاتم أخوه، فاعتد أهل قرطبة المصيبة بهما، كفاء ما عليهم من المحن، وذهب من يستحيي منهم، فاستوى الناس بعدهما؛ فكانت مدة عمل أبي العباس على القضاء في الكرتين سبعة أعوام ونصف؛ وترك ابنه أبا بكر، فجاء بعد منه خير خلف؛ وولي القضاء، وسيأتي ذكره بعد هذا في طبقته؛ ورثى ابن الحناط الضرير أبا العباس بقصيدة فريدة، أولها:

عفاء على الأيام بعد ابن ذكوان … وسحقًا [٢] لدنيا غيرت كل إنسان

سأبكي دمًا بعد الدموع بعبرة … تميز [٣] أحزاني وتعرب عن شاني


[١] ففزع: ا ط، حتى تفرع: ن.
[٢] وسحقًا: ا ط، وقبحًا: ن.
[٣] تميز: ا ط، تعبر: ن.