للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه المنصة، فيخرج إليهم وقد لبس وتطيب وعليه الخشوع، ويوضع عود، فلا يزال يبخر حتى يفرغ من حديث رسول الله .

***

قال يحيى: كنا نجتمع على بابه فإذا توافينا صرخ الآذن (٧): ليدخل أهل المدينة! ثم يؤذن (٨) لغيرهم، فيدخل عليه، فيسلم، ويسكت، ونسكت ساعة، فإذا رأى منا ازدحاما قال: توقروا، فإنه عون لكم، وليعرف صغيركم حق كبيركم.

ومن رواية أخرى: كان إذنه لنا رفع ستر في أسطوانه (٩)، فندخل عليه عليه، وهو قاعد قد ميل رأسه، حتى إذا أخذ الناس مجالسهم رفع رأسه فقال: السلام عليكم. فحسب أنما كان يفعل ذلك، لئلا يقرب بعض الناس على بعض من العلوية أو العثمانية أو غيرهم، فيعتقد عليه ذلك، كان يدعهم حتى يأخذوا مجالسهم، وكان بعضهم يعرف حق بعض، فإذا قدم الحاج جعل بوابا على بابه، فيأذن أولا لأهل المدينة، فإذا دخلوا قال للبواب: تنح.

قال ابن قعنب: ما رأيت قط أشد وقارا من مجلس مالك، لكأن الطير على رؤوسهم.

***

قال ابن أبي أويس: كان مالك إذا جلس للحديث توضأ، وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة، ثم حدث. فقيل له في ذلك. فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله ، *ولا أحدث به إلا على طهارة، متمكنا.

وكان يكره أن يحدث في طريق قائما أو مستعجلا، وقال: أحب أن أفهم حديث رسول الله .


(٧) ك: صرخ الآذن - ا: خرج الإذن.
(٨) ا: يؤذن - ليؤذن.
(٩) أسطوان البيت: بهوه - وفى لسان العرب: اسطوان البيت معروف.