للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استفتاء أحد من فقهائها، لأمور نقمها عليهم، فجلب له؛ فلزم المهدية، ودارت عليه فتواها، فلما تشعبت [١] سوسة على تميم، قبض على جماعة - فيهم ولد عبد الحميد، فضربه وأغرمه ستمائة دينار باع فيها عبد الحميد (١) كتبه؛ وكان سبب انقباض عبد الحميد عن الفتيا، فلقيه بعد ذلك تميم، واعتذر إليه، فلم ينفعه، ولزم الانقباض والتزام داره، وأظهر التجاؤر، ولم ينتفع به في شيء، وجعل لا يجالس أحدا، وتحيل في الخروج إلى سوسة لعلة المعاناة لحسن هوائها، فبقى على حالته تلك ستة أعوام إلى أن دخل الأفرنج [٢] المهدية، واستباحوا أهلها، ودخلوا جل قصر صاحبها، وذلك سنة ثمانين؛ فانكسر بعد ذلك تميم، وفل غربه، وهان على الناس وداراهم؛ فظهر عبد الحميد، وراجع حالته الأولى، وأفتى ودرس، وانتفع به إلى أن مات.

حكي لي [٣] أن الفقيه أبا علي حسان المهدوي [٤]، قال: رحلت إلى سوسة إلى عبد الحميد للأخذ عنه، فلما لقيته، رحب بي، ثم قال لي: من الحق أن لا أدخرك نصيحة شيخي الذي أخذت عنه وأفخر به، أبو القاسم السيوري - إلى الآن حي، وإنما بيننا وبينه


[١] تمنعت: ن، تشعبت: ا ط.
[٢] الافرنجة: ن، الافرنج: ط، الافرنجي: ا.
[٣] لي: ا ط - ن.
[٤] المهدوي: ا ط، الميورقمي: ن.