للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مصعب الزبيرى: كان حبيب يقرأ على مالك، وأنا على يمينه وأخى عن شماله، وهو أقرب إلى مالك، وكان أسن منى (١١).

وكان حبيب يقرأ لنا في كل عشية من ورقتين، إلى ورقتين ونصف، لا يبلغ ثلاثا، والناس ناحية، لا يدنون ولا ينظرون، فإذا خرجنا جاءنا الناس، فعارضوا كتبهم بكتبنا.

قال: وجئنا يوما إلى أبينا بالعرصة لنقيم عنده ونصير بالعشى إلى مالك، فأصابنا سماء (١٢) يوما، فلم نأته تلك العشية، فلم ينتظرنا، وعرض عليه الناس، فأتيناه من الغد، فقلنا يا أبا عبد الله! أصابتنا أمس سماء شغلتنا عن حضور العرض، فاردده علينا. قال:

- لا. من طلب هذا الأمر صبر عليه.

قال جعفر بن إبراهيم (١٣): كلم صديق لأبي مالكا أن أسمع منه، فأذن، فكنت أختلف إليه وأنا مدل بنسبى من الرسول ، وموضعى، فأتخطى الناس إلى وساد مالك، فلا يتزحزح عنها، ويريني أنه لم يرنى احتقارا لي، فشكوت ذلك إلى أبى وغيره، فبعثوا إليه ليسألوه إكرامى وأثرتى، فقال الرسول:

- ما هو عندنا وغيره إلا سواء، إنما هي - عافاك الله - مجالس العلم، السابق إليها أحق بها، فكنت أتى وقد أحدق المجلس، فما يوسع لي، فأستدنى حيث وجدت.

***

قال ابن وهب: كنا إذا جلسنا إلى مالك، فإنما يتساءل الناس بينهم، فإذا اختلفوا وأرادوا أن يرفعوه إلى مالك، فإنما يضم إليه رجل واحد بخفض الصوت مع الإجلال والهيبة، فيقول:


(١١) ما بين خطين مائلين ساقط من ا.
(١٢) سماء: مطر.
(١٣) ك: جعفر بن إبراهيم، وهو جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي، القسم الأول من المجلد الأول - وفى نسخة ا: محمد بن جعفر بن إبراهيم.