للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال أبو محرز: يستأنى حتى يتبين؛

وقال أسد: يسأل رسلهم عن ذلك؛

فقال أبو محرز: كيف يقبل قولهم عليهم؟

فقال أسد: بالرسل ها دناهم، وبهم نجعلهم ناقضين، قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ (٣٨٣) الآية. فنحن الأعلون؛ فسئل الرسل، فاعترفوا أنهم في دينهم لا يحل لهم ردهم؛

فأمر زيادة الله بالغدو إليها؛

وقال أسد إذ ذاك لزيادة الله: من بعد القضاء والنظر في الحلال والحرام تعزلني وتوليني الإمارة؟

فقال: لا ولكني وليتك الإمارة وهي أشرف، وأبقيت لك اسم القضاء، فأنت أمير قاض؛

فخرج إلى صقلية، وظفر بكثير منها، وتوفي وهو محاصر سرقوسة (٣٨٤) منها، وكان أيضا قد غزا سردانية، فأشرف على فتحها، وحسده بعض من كان معه، فانهزم، وبلغ ذلك الأمير، فقال له: بلغني كذا، فسم لي من فعل ذلك، فلم يفعل.

ولما خرج أسد إلى سوسة ليتوجه منها إلى صقلية، خرج معه وجوه أهل العلم والناس يشيعونه، وأمر زيادة الله أن لا يبقى أحد من رجاله إلا شيعه، فلما نظر الناس حوله من كل جهة، وقد صهلت الخيل وضربت الطبول وخفقت البنود، قال: لا إلاه إلا الله، وحده لا شريك له، والله يا معاشر الناس ما ولى لي أب ولا جد، ولا رأى أحد من سلفي مثل هذا، ولا


(٣٨٣) الآية ٣٦ من سورة محمد.
(٣٨٤) أ، ط: سرقوسة - ك، م: سرقسطة.