فدخلت، فلما كان وقت خروجه، فتحت الباب - ووصف صورة المجلس - ثم خرج مالك بين تلك الجارية وفتى تخط رجلاه الأرض كبرًا، كأني أنظر إلى جماله وبهائه، وشعر رأسه قد تعقف (٣٨٨) جعودة، فلما استوى جالسا، عم بسلامه فردوا عليه، فقمت فسلمت عليه، ودفعت إليه كتاب ابن غانم؛
فقال لي: صاحبك على القضاء؟
قلت: نعم.
قال: ما ذاك بخير له؛
ثم قرئ عليه، فقال للقوم: هذا كتاب أتاني في هذا الرجل، يخبرني عن حاله في بلده وقدره، وقد قال ﵇: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه؛
فقمت من بين يديه، فأوسع لي رجل منهم، فجلست، فذكروا العلم فقال: لا يؤخذ العلم إلا عن الموثوق بهم في دينهم، ثم جعل يسأل، وأنا قاعد، فربما قال: العلم أوسع من ذلك، فسئل وأنا قاعد عن خمس وعشرين مسألة، فما أجاب منها إلا في اثنتين، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، واختلفت إليه فلم يزل لي مكرما ﵀؛
وكان قد جعل لرجل ثلاثة دراهم كل يوم يأخذ له مجلسا يجلس فيه عند مالك، فإذا جاء ابن أبي حسان، قام له الرجل فجلس فيه؛
وكان ابن أبي حسان إذا جاء مجلس ابن عيينة قال أصحابه: جاءكم الشؤم، لميل سفيان إليه وحديثه معه؛