فقال: والله لقد رأيت العلماء عندنا بالمشرق، فوالله ما رأيت مثل هؤلاء. قال ابن عجلان الأندلسي: ما بورك لأحد بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما بروك لسحنون في أصحابه، إنهم في كل بلد ائمة قال ابن حارث سمعتهم يقولون كان سحنون من أيمن العلماء؟ دخل المغرب، كأن أصحابه مصابيح، في كل بلدة، عدّ له نحو سبعمائة رجل، ظهروا بصحبته وانتفعوا بمجالسه، وسمعتهم يقولون: كان سحنون أعقل الناس صاحباً وأفضل الناس في باب الدين صاحباً، وأفقه الناس صاحباً. وقام سحنون بقصر زياد مرابطاً، خمسة عشر يوماً من رمضان. وحكى ابن اللباد، إن سحنون قال لأبنه محمد: يا بني، سلم على الناس، فإن ذلك يزرع المودة. وسلم على عدوك وداره، فإن رأس الإيمان بالله المداراة بالناس. وحكى المالكي أنه نقب بيت سحنون وهو قائم في تهجده، وأخذ ما كان في البيت، وهو لا يشعر، ثم أخذت القلنسوة من رأسه، فلم يلتفت لشغله بما كان فيه، وجيء إليه للصلاة على مقتول، فقال لم تحضرني نية. فأتى آخرون فقالوا له: فلان أصلحك الله، قتل وطرح في بئر، وقد أخرجناه، فصّل عليه. فقال: ومن قتله؟ قالوا: هذا المقتول الذي سئلت قبل الصلاة عليه. فصلى سحنون على هذا. وكانت منه فراسة. قال سليمان بن سالم: أتى رجل من صطفورة فسأل سحنون عن مسألة، وتردد عليه. فقال له: أصلحك الله مسألتي في ثلاثة أيام.