من كتاب الهدية. وهو الذي يدل عليه ثناء عبد الملك، إذ إنما بنى على فقهه، وبالغه لأسماعه. وقال الشيرازي عنه: إنه صلى الصبح بوضوء العتمة أربعين سنة. وسمعه ابن القاسم عند انصرافه عنه، بثلاثة فراسخ فعوتب على ذلك. فقال: يلومونني أن سمعت رجلاً لم يخلف بعده أفقه منه، ولا أورع ووصاه ابن القاسم عند ذلك. وقال له: عليك بأعظم مدائن الأندلس، فأنزلها. ولا تنزل منزلاً يضيع فيه ما حملت من العلم. وقال ابن القاسم: أتانا عيسى، فسألنا سؤال عالم. قال أصبغ بن خليل: وهو أول من أدخل الأندلس رأي ابن القاسم. قال غيره: وكان أكبر الفقهاء بالأندلس، قبل رحلته على أخيه عبد الرحمن. قال ابن الفرضي: وكان عيسى عابداً فاضلاً ورعاً. كانوا يرون أنه مستجاب الدعوة. وكان يبلغ بلده طليطلة بها توفي سنة اثنتي عشرة ومائتين، وقبره هناك مشهور. وقال غيره: توفي منصرفه عن طليطلة، وكان لحقته محنة الهيج ومبتدأ فتنة الربض بقرطبة. ففر واستخفى، الى أن أمنه الأمير الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية. وامتحن أيضاً أول وصوله من الشرق الى بلده طليطلة بميل الناس إليه حتى شرف مكانه القاضي والوالي. وكتب الى الأمير عنده رجل يعرف بابن دينار ورفعوا علي. فوجه الأمير الحكم فيه، وسجن بقرطبة نحو عام، الى أن علم الأمير به، أنه عيسى، ومكانه من الناس باختلاف أهل العلم للسجن، فأطلقه وأحضره واعتذر إليه. فقال عيسى: هذا ذنب عجلت عقوبته لي، وأخبره بوصية ابن القاسم له ونهيه إياه عن