وكانت له طائفة من أصحابه يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلما ولى، كانت تأتيه فتعرفه بما حدث، فيترك الحكم، ويصير معهم لتغييره.
فكان إذا عذله في هذا أحد، يقول: لابد من القيام بأمر الله.
وكان يتنكر بالليل ويمشى، فيستخبر أحوال الشهود، ويسأل عنهم، فولى نحو السنتين، وعزله المعتصم عند قدومه مصر، وأقامه للناس، وسجنه، وأخرجه معه إلى بغداد، فمات بها مسجونا.
وكان سبب حقده عليه، ما ذكرناه في خبر عبد الله بن عبد الحكم، قبل هذا.
ذكر هذا كله أبو عمر الكندى.
وقال الجيزى: قال ابن عبد الحكم: قال لي ابن طاهر، حين طلبت منه لابن المنكدر: كم ترى أن نعطيه؟
فخشيت أن أقول ما يريد أكثر منه، فقلت: يقول الأمير.
فقال: أمرنا له بألف دينار.
فكرهت أن أعظمها عنده، أو أصغرها، وليست بصغيرة، فقلت: في ألف ما أغناه.
فأمر له بها، وأجرى عليه أربعة آلاف درهم في الشهر. وكان أول قاض بها أجرى عليه.
قال سعد (٦٦) بن عبد الله بن عبد الحكم: لما ولى ابن المنكدر، وكانت حاشيته الصوفية، فكان إذا بلغ أبى أنه كان منه ما ينكره الناس، بعث إليه أخى عبد الحكم، ينهاه عن ذلك، ويأمره بما يراه، فبعث إليه مرة، فالتفت إلى أخى وقال: ما يظن أبوك إلا أنه أعتق المنكدر!