غلظة عليهم - فأرسل إليه ابن الأغلب وقال: إنهم فيهم، وقد شكوك، ورأيت معافاتك من شرهم، فلا تنظر في أمرهم.
فقال سحنون للرسول: ليس هذا الذي بيني وبينه، قل له: خذلتني، خذلك الله!
فلما أنهى الرسول الرسالة إلى الأمير، قال له: ما نعمل به؟ إنما أراد الله.
***
قال ابن أبي سليمان وغيره: إن المحتسبين لم يكونوا يعرفون بأفريقية، حتى كان سحنون جالسا على باب داره، إذ مر به حاتم الجزري، ومعه سبى من سبى تونس، فقال سحنون لأصحابه: قوموا فأتوا بهم.
فذهبوا حتى خلصوهم من حاتم، وأتوا بهم، وهرب حاتم على برذونه، وخرق ثيابه، ودخل على الأمير فشكا أمره، فأرسل الأمير إلى سحنون: أن اردد إلى حاتم السبى.
فقال سحنون: إنهم أحرار، ولا سبى عليهم، وقد أطلقتهم.
فرد الأمير إلى سحنون: لابد من ردهم.
فأبي سحنون، وقال للرسول: قل للأمير: جعل الله حاتما شفيعك يوم القيامة. وأقسم عليه ليبلغن ذلك إلى الأمير.
ثم قال سحنون: هذا الأسود - يعنى حاتما - يمضى هكذا! وأمر بسجنه. فطرحت عمامته في عنقه، وحمل إلى الحبس، فلحقه معتب، فقال: يا حاتم، لا تلق الشر بين الأمير والقاضى. وأعطاه معتب من عنده سبعة دنانير، فخلى حاتم عن السبى، وأخبر معتب سحنون بذلك، فأمر بإطلاق حاتم من السجن.
وحكى ابن اللباد: أن رجلين اختصما إلى سحنون، حلف أحدهما بالطلاق على صاحبه، ليستوفين حقه في حائط بينهما، فأمر سحنون بصفع قفاه، ثم قال له: تحلف بالطلاق؟ فأرسل إلى رجل يقال له عبد الله البنا،