قلت له: فأي شيء ترى في التيمم، إذا مسح الإنسان بعض وجهه وترك بعضاً. قال: لا يجزيه. فقلت له: لم وقد قال الله تعالى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه. فسكت. وكان محمد يقول: التوقر في الزهد، مثل التبذل في الحفلة. قال بعضهم: أنشد محمد بن عبد الحكم:
لما عفوت ولم أحقد على أحد ... أرحت نفسي من غم العداوات
إني أجيء عدوي عند زاويته ... لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر الشر للإنسان أبغضه ... كما أملي قلبي من محبات
ولست أسلم ممن لست أعرفه ... فكيف أسلم من أهل المودات
وقد ذكر أبو بكر بن خزيمة، قال: جرت بين محمد وبين البويطي وحشة في مرض الشافعي الذي مات منه. فتنازعا مجلس الشافعي. كل واحد منهما يقول: أنا أحق بمجلسه منك. فجاء الحميدي، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف. يعني البويطي. فكذبه ابن عبد الحكم، فرد عليه الحميدي، فغضب ابن عبد الحكم، وترك مجلس الشافعي. وتقدم فجلس في الطاق الثالث. قال معد بن معاذ: حضرت محمد بن عبد الحكم يفتي في المشي الى مكة، بكفارة يمين. وحكى ذلك عن ابن القاسم أنه أفتى به ابنه، وذكر عنه أن قوماً استشاروه في الحج، أو الجلوس الى السماع. فأشار على بعضهم بالحج وبعضهم بالجلوس. فسأله عن ذلك، الذي أمره بالحج،