قولا، ولئن كنت عنده فيما قلت كاذبا، ما يحل للأمير أن يستشيرني ويقبل لي قولا أبدا.
فأوصى الأمير إلى عبد الملك: إنا أخذنا بقولك في أخيك، وأمرنا بالكتاب إلى عاملنا بإطلاقه.
فسأله عبد الملك أن يقدم به إلى قرطبة، فيكون بها مسجونا، أدبا لجرأته وعصيانه.
قال المغامى (١٦٢): طرقت عبد الملك بن حبيب يوما بغلس، حرصا على الاقتباس منه، واستأذنت عليه، فأذن لي ودخلت، فإذا به جالس في مجلسه، عاكفا على الكتب، قد أحاطت به، ينظر فيها، والشمعة بين يديه تقد، وطويلته عليه، فسلمت، فرد على، وقال لي: يا يوسف! أو قد انبلج الصبح؟
قلت: نعم، وقد صلينا.
فقام إلى صلاة الصبح، فقضاها، ثم رجع إلى مقعده، وقال لي: يا يوسف! ما صليت هذه الصلاة إلا بوضوء العشاء الآخرة.
قال المغامى: كانت لابن حبيب قارورة قد أذاب فيها اللبان مع العسل، يشرب منها كل غداة على الريق للحفظ.
وكتب ابن حبيب إلى الرشاش الأديب، يستهديه مدادا، ووجه إليه بقارورة كبيرة:
احتجت من حبر إلى سقية … فامدد لنا منه، فديناكا
وابعث - وإن قل - به طيبا … ولا يكن دونا، فنلحاكا
ولا تهولنك قارورتى … فإنها أقنع من ذاكا
(١٦٢) أ: قال المغامي - ك، ط: قال المقامي - م غير واضحة - والصواب ما أثبتناه، وهو يوسف أبو عمر المغامي بن يحيى بن يوسف بن محمد. انظر ترجمته في الديباج ص ٣٥٦ - قال: ومغام من ثغر طليلطلة، أصله منها ونشأ بقرطبة وسكن مصر، ثم استوطن القيروان إلى أن مات.