للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - " بَابُ قَوْل النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنا أعْلَمُكُمْ باللهِ، وأنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ القَلْبِ "

١٩ - عنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أمَرَهُمْ أمَرَهُمْ مِنَ الأعْمَال بِمَا يُطيقُونَ، قَالُوا: إنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ إنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ ومَا تَأخَّرَ، فَغَضِبَ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ في وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: " إِنَّ أتْقَاكُمْ وَأعْلَمَكُمْ بِاللهِ أنَا ".

ــ

١٣ - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا أعلمَكُم بالله وأن المعرفة فعل القلب

١٩ - الحديث: أخرجه البخاري، وهو من أفراده.

معنى الحديث: تقول عائشة رضي الله عنها " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرهم أمرهم من الأعمال بما يطيقون " أي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان رؤوفاً بأمته، ميسِّرا عليها، لا يكلف المسلمين إلاّ بما يستطيعون المداومة عليه، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان حريصاً على المداومة على الأعمال لا على الإكثار منها، لما تؤدي إليه المداومة على العمل من التفاعل به نفسياً، والتأثر به أخلاقياً، وذلك مقصدٌ أسمى من مقاصد الإسلام. " قالوا: يا رسول الله، إنا لسنا كهيئتك، إنّ الله قد غفر لك " أي أنه ينبغي لنا أن نكثر من العبادات أكثر منك، لتكون سبباً لمغفرة ذنوبنا، أما أنت فقد غُفر لك " فغضب (١) - صلى الله عليه وسلم - حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا " أي ليس الأمر كما تظنون، فلو كان في الاسراف في العبادة وتكليف النفس ما لا يطاق منها طاعة لله لسبقتكم إلى ذلك، لأنني أكثركم علماً بما يرضي الله، وكلما كان


(١) وفي بعض النسخ فيغضب بصيغة المضارع وأكثرها غضب كما أفاده العيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>