الاستسقاء لغة: طلب السقيا، وهي أن يعطيه ما يشرب كما قال الراغب، إذن فمعنى الاستسقاء أن يطلب المرء من غيره أن يعطيه شراباً، ماءً. كان أو سواه، ثم استعمل في طلب سقي الماء لنفسك أو لغيرك، كما قال الحافظ.
وشرعاً: طلب سقي الماء من الله تعالى بنزول الأمطار، أو توفر مياه الأودية والأنهار، أو بزيادة منسوبها. وهو ثلاثة أنواع: أدناها: مجرد الدعاء فرادى أو جماعات، وقد استسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أحجار (الزيت) بالدعاء بلا صلاة، قال الشافعي: وأحسنه ما كان من أهل الصلاح. وأوسطها: الدعاء عقب الصلوات فريضة أو نافلة، وفي كل خطبة مشروعة. وأعلاها: ما كان بالصلاة والخطبة. والحكمة فيه أنّ معظم الكوارث من قحط وجدب وغيرها إنما هي نتيجة حتمية للذنوب والخطايا. كما قال تعالى:(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) فجعل الله الأدعية والصلوات والتوبة وسائل لتكفير السيئات وكشف البلاء. وشرع صلاة الاستسقاء لما فيها من الاستغفار والعودة إلى الله، والإِنابة إليه، وقد أخبرنا الله عن نوح أنه قال لقومه:(اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) ثم شرعت الصدقة عند الاستسقاء، لأنها تطفىء غضب الرب، كما سُنَّ الخروج بالعجائز والصبيان في هيئة رثة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا صبيان رضع ومشايخ