الصحيح رغم هول الموقف، ووحشة القبر، وإبهام السؤال، فيعرف من هو المشار إليه، ويجيب عنه، وإن لم يصرَّحْ باسمه، فيقول: هو محمد رسول الله وذلك هو مصداق قوله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) قال البَرَاءُ المراد بالحياة الدنيا المساءلة في القبر، وبالآخرة المساءلة في القيامة. وقال القفال وجماعة:" في الحياة الدنيا " أي في القبر لأن الموتى في الدنيا إلى أن يبعثوا، وفي الآخرة، أي عند الحساب اهـ.
فإذا سئل المؤمن في القبر، وقيل له: ما علمك بهذا الرجل؟ قال: هو محمد رسول الله " جاءنا بالبينات " أي بالآيات القرآنية الواضحة " والهدي " أي وأرشدنا إلى الدين القويم " وأمّا المنافق والمرتاب " أي المتردد " فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته " أي لم أكن على يقين من نبوته وإنما وافقت الناس على قولهم ظاهراً. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قول الراوي " فأشارت برأسها أي نعم ".
ويستفاد من الحديثين ما يأتي: أولاً: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن انتشار الفتن في آخر الزمان والحروب بين المسلمين، وأن ذلك نتيجة حتمية لارتفاع العلم، وظهور الجهل. ثانياًً: إثبات سؤال القبر للمؤمن والمنافق والكافر (١). ثالثاً: الإِجابة عن الفتيا بإشارة اليد والرأس كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الأول، وكما فعلت عائشة في الثاني.
٥٤ - " باب الرحلة في المسألة النازلة "
٦٩ - ترجمة الراوي وهو عقبة بن الحارث القرشي أسلم رضي الله عنه
(١) ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح " وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل "