" أنَّهُ أتَى يَوْمَ الْيَمَامَةِ إلى ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيه وَهُوَ يَتَحَنَّطُ، فقالَ: يَا عَمِّ ما يَحْبِسُكَ أنْ لا تَجِيءَ؟ فَقَالَ: الآنَ يا ابْنَ أخِي، وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ، ثم جَاءَ فَجَلَسَ فَذَكَرَ في الْحَدِيثِ انْكِشَافاً مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا حتى نُضَارِبِ الْقَوْمَ، مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِئْسَ مَا عودْتُمْ أقْرَانَكُمْ ".
ــ
ثم هذا باب يذكر فيه من الأحاديث ما يدل على مشروعية استعمال الحنوط استعداداً للموت.
٧٥٤ - " باب التحنط عند القتال "
٨٥٧ - معنى الحديث: أن أنس بن مالك رضي الله عنه جاء يوم اليمامة إلى ثابت بن قيس خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضع الحنوط على جسده تأهباً للاستشهاد في سبيل الله، وكان قد كشف عن فخذيه بسبب اشتغاله بتحنيط جسمه " فقال: يا عم ما يحبسك أن لا تجيء " أي ما الذي أخرك عن خوض المعركة حتى الآن؟ " فقال: الآن يا ابن أخي " ولم يكن " ثابت " عمه، ولكن العرب تتوسع في هذه الكلمات تلطفاً وتودداً، وتعبيراً عن إنزاله منزلة الابن أو ابن الأخ - أي الآن أخوض المعركة " فذكر في الحديت انكشافاً " أي فذكر الراوي أنها وقعت في الجيش هزيمة وتقهقرٌ " فقال: هكذا عن وجوهنا " أي فلما رأى ثابت ما وقع في الناس من هزيمة بلغ به الحماس مبلغاً عظيماً، وكبُر عليه ما رأى، فقال للناس: ابتعدوا عن وجهي وافسحوا لي الطريق لكي أقاتل هؤلاء، " ما هكذا كنا نفعل " أي ما كنا نتقهقر هكذا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - " بئسما عودتم أقرانكم " أي بئس