وهو من النعم التي أنعم الله بها على عباده فقال تعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ). وأما حكمه فمنه ما هو واجب، ومنه ما هو مندوب، ومنه ما هو حرام، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح. فالواجب: كما قال ابن جُزَيّ ما يستر العورة، ويقي الحر والبرد، ويستدفع به الضرر في الحرب وغيرها. فعن حكيم بن حزام عن أبيه قال: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر، قال:" احفظ عورتك إلَّا من زوجتك " فتهلت فإن كنت خالياً؟ قال:" فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه " قال ابن قدامة: ويكفي ثوب واحد، وبعضه على عاتقه. والمندوب كالرداء في الصلاة، والتجمل بالثياب في الجمعة والعيدين. والحرام كما قال ابن قدامة نوعان: أحدهما: ما يحرم على الرجال والنساء معاً، وهو النجس والمغصوب وما هو من ألبسة المشركين خاصة حتى صارت سمة لهم كالبُرْنَيْطَة (١) وهل تصح الصلاة في المغصوب على روايتين إحداهما لا تصح، والثانية تصح، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، لأن التحريم لا يخص الصلاة، وثانيهما: ما يحرم على الرجال خاصة، وهو الحرير والمنسوج بالذهب والمموّه به، وهو حرام لبسه عليهم وافتراشه في الصلاة وغيرها. قال ابن عبد البر: هذا إجماع، وكذلك يحرم على الرجال لبس ثياب تشبه ثياب النساء، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال ". والمكروه كما قال ابن جزيّ: هو التلثم وتغطية الأنف في الصلاة
(١) لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: " خالفوا اليهود والنصارى " وقوله - صلى الله عليه وسلم - " من تشبه بقوم فهو منهم ".