للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

" كتاب القدر "

والقدر: بتحريك الدال، وهو مصدر قدرت الشيء -بفتح الدال المخففة- إذا أحطت بمقداره. وأل في كلمة القدر عوض عن المضاف إليه، أي تقدير الله للأمور قبل وقوعها، ولهذا قالوا: المراد من القدر أن الله تعالى عَلِمَ مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد. قال في " التنبيهات السنية ": القدر تعلق علم الله تعالى وإرادته أزلاً بالكائنات قبل وجودها، فلا حادث إلاّ وقد قدّره أزلاً، أي سبق به علمه، وتعلقت به إرادته. وقال ابن تيمية: الإِيمان، بالقدر على درجتين: الأولى: الإِيمان بأن الله علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم، الذي هو موصوف به أزلاً، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، وكتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلق، فأوّل ما خلق القلم: القلم، فقال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فما أصاب الإِنسان لم يكن ليخطأه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف، وإذا خلق الله جسد الجنين قبل نفخ الروح فيه، بعث إليه ملكاً، فيؤمر بأربع كلمات، فيقال: اكتب رزقه وأجله، وشقي أم سعيد، ونحو ذلك، فهذا القدر قد كان ينكره غلاة القدرية، كمعبد الجهني، وعمرو بن عبيد. أما الثانية فهي مشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة، وهو الإِيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن ما في السموات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلاّ بمشيئة الله، لا يكون في ملكه ما لا يريد، ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته، ونهاهم عن معصيته وهو سبحانه يحب المتقين ولا يحب الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين،

<<  <  ج: ص:  >  >>