أقْبَلْتُ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعِي رَجُلَانِ مِنَ الأشْعرِيِّينَ، فَقُلتُ: ما عَلِمْتُ أنهما يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ، فَقَالَ:" لَنْ - أوْ لا نَسْتَعْمِلُ على عَمَلِنَا مَنْ أرَادَهُ ".
ــ
٦٥٧ - " باب استئجار الرجل الصالح "
أي هذا باب في بيان مشروعية استئجار الرجل الصالح للعمل الذي يسند إليه من ناحية دينه وأمانته، ومن ناحية كفاءته وأهليته.
٧٥٧ - معنى الحديث: أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشفع في رجلين من الأشعريين يطلبان أن يوليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عملاً من الأعمال الهامة التي تتعلق بها مصالح المسلمين، كالجباية أو القضاء أو نحو ذلك " فقال: لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده " أي لا نولّي على هذه الأعمال من حرص عليها وسعى إليها، لأنه ينبغي أن يُحْترَسَ من الحريص على الولاية ولأن من طلبها وكل إليها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الأعمال الهامة التي تتعلق بها مصالح المسلمين من أمارة وقضاء وجباية وشرطة، إنما تسند إلى من تتوفر فيه الصلاحية والكفاءة والأهلية لها لا لمن يطلبها ويحرص عليها، لأن الحرص عليها مظنة التهمة، ولأنه إن طلبها وُكِلَ إليها، ولا يعان عليها، قال ابن بطال: لما كان طلب العمالة دلالة على الحرص وجب أن يحترز من الحريص عليها. اهـ. ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض عن الرجلين الذين سألا الإِمارة