للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

" كتاب الجهاد والسير "

للجهاد معنيان (أ) جهاد أصغر وهو مكافحة النفس والشيطان (ب) وجهاد أكبر وهو مقاتلة الكفار إعلاءً لكلمة الله تعالى، ونشراً لدينه وهل الجهاد أفضل أو طلب العلم أفضل مسألة اختلف فيها العلماء؟ قال في " فيض الباري ": واعلم أن شغل العلم أفضل الأشغال عند أبي حنيفة ومالك، وعند أحمد الجهاد أفضل، كذا في " منهاج السنة " لابن تيمية، وفي كتاب السفاريني: عند أحمد رواية نحو أبي حنيفة ومالك، وهذا كله إذا لم يكن الجهاد فرض الوقت، لأن الكلام في باب الفضائل دون الفرائض ". اهـ.

وأما السير: فإن المراد بها هنا أبواب الجهاد أيضاً لأنها متلقاة من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أفاده القسطلاني. هذا وقد شرع الجهاد، في السنة الثانية من الهجرة، حيث نزل قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). وحكمه في الأصل فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، حيث قال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ) فإن الآية تدل على أن الجهاد ليس فرضاً عينياً واجباً على كل فرد من المسلمين، إنما هو فرض كفائي، يجب أن يقوم به طائفة من المسلمين، فإذا قامت به سقط وجوبه عن بقيتهم، ومما يؤكد ذلك ما رواه الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله تعالى لما شدد على المتخلفين (١) قالوا: لا يتخلف منا أحد عن جيش أو سرية أبداً، ففعلوا ذلك، وبقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، فنزل قوله تعالى: (وَمَا كَانَ


(١) " تفسير الآلوسي " ج ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>