عَن رَسُولَ اللهَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ:" إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فأبرِدُوا بالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ من فَيْحِ جَهَنَّمَ، واشتكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقَالَتْ: أكلَ بَعْضِي بَعْضَاً، فأذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسِ في الشتاءِ وَنَفَسِ في الصَّيْفِ، فَهُوَ أشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ ".
ــ
٢٣٠ - " باب الإِبراد بالظهر "
٢٧٢ - معنى الحديث: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " إذا اشتد الحَرُّ فأبردوا بالظهر " أي إذا اشتدت حرارة الجو في فصل الصيف فأخّروا صلاة الظهر حتى تخفّ الحرارة ويبرد الجو. وهذا الأمر للندب اتفاقا، قال الزمحشري: وحقيقة الإبراد الدخول في البرد، والباء للتعدية: أي افعلوها في وقت البرد عندما ينكسر الحر لأن شدته تُذهب الخشوع الذي هو ثمرة الصلاة وروحها.
" فإن شدة الحر من فيح جهنم "(١) أي فإن شدة الحر من وهج جهنم، ونَفَس من أنفاسها، وفي الحديث عن عمرو بن عَبَسَةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" ثم أقصر عن الصلاة، أي عند استواء الشمس " فإن حينئذ تُسَجَّرُ جَهَنَّمُ " أخرجه مسلم " اشتكت النار إلى ربها " أي اشتكت إليه مما تلاقيه من الغليان بلسان المقال لا بلسان الحال. لأن حمله على الحقيقة كما قال النووي هو الصواب، والله قادر على أن يخلق فيها الكلام " فقالت: أكل بعضي بعضاً " أي بحثت عن شيء آكله فلم أجد، فأكلت نفسي وتلك طبيعة النار، كما قال فيها الشاعر:
(١) فيح جهنم غليانها وثورانها، يقال: فاحت القِدر إذا غلت.