من مزايا التشريع الإِسلامي عنايته بتنظيم الحياة الإِنسانية من جميع نواحيها المختلفة، فإن بعض الأديان اقتصر على الجانب الروحي للانسان من العقائد والعبادات والطقوس الدينية دون حياة الإِنسان المعيشية والاجتماعية، فلم تعن بمعاملاته مع الآخرين من أبناء جنسه (١) أو تضع القوانين اللازمة لهذه المعاملات عدا بعض النصائح التي تدعو إلى التسامح والمسالمة دون تحديد المسؤوليات والحقوق والواجبات، ولم تعنَ بوضع القوانين التفصيلية لحماية حقوق الإِنسان، ولهذا اضطر أصحاب هذه الديانات إلى استعمال القوانين الوضعية لتنظيم العلاقات الإِنسانية واعتبروا الدين علاقة روحية بين العبد وربه فقط، لأنهم لم يجدوا في دينهم القوانين الكفيلة بتنظيم حياتهم ومعيشتهم. وإذا كان هذا هو الواقع بالنسبة إلى الأديان الأخرى، فإنه لا ينطبق على شريعة الإِسلام الشاملة لحياة الإِنسان الدينية والدنيوية، وهذه هي النصوص الإِسلامية في الكتاب والسنة والفقه الإسلامي لم تدع حكماً يحتاج إليه البشر في الأحوال الشخصية والاجتماعية والقضائية والمعاملات والجنايات والسياسة والاقتصاد إلّا بينته للناس، ففي المعاملات وضع الإِسلام أحكام البيع والشراء والإِيجار
(١) نعم توجد في التوراة أحكام عملية فقهية ولكن بعضها يتسم بالقسوة والعنف والشدة ومن محاسن الإسلام انه جاء بنسخ هذه الأحكام وإلغائها وإبدالها بأحكام أخرى هي أرحم وأرفق بهذا العالم البشري من تلك الأحكام السابقة كما قال تعالى: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ).