الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله. أرسله الله بالهدى ودين الحق على فترةٍ من الرسل، وقلةٍ من العلم، وضلالةٍ من الناس.
وصلّى الله على سيدنا محمدٍ الذى أرسله الله إلى الثقلين بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.
وبعد فإنّ أصدقَ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشرف العلوم علم السنة المحمدية، ودراسة أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواية ودراية، فقهاً وأحكاماً، فالكتاب والسنّة توأمان. وقد كان جبريل ينزل بالسنّة كما ينزل بالقرآن. فهي وحي إلهي منزل، وهي المرجع الأول في تفسير القرآن الكريم، والمصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.
ولذلك كان لعلم الحديث مكانته السامية، وكان لأهل الحديث مكانتهم المرموقة بين العلماء. ويكفيهم شرفاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نوَّه بشأنهم، ودعا لهم بالوجاهة بين الناس، فقال - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه:"نَضَّرَ اللهُ امرءاً سَمِعَ مِنَّا حديثاً فَحَفِظَهُ حتَّى يُبلغَه، فرُبَّ حامِل فَقهٍ إلى مَنْ هُوَ أفْقَهُ مِنْه، وَرُب حَامِل فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيْهٍ" أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حديث حسن.